هل التغيير يبدا من حولك اولا حتى تتغير
يجب على من هم حولي أن يتغييرو حتى أتغيير،كثيرا ما نسمع مثل هذه العبارة فهل هي صحيحة .
يحكى عن ملك كان يحكم دولة ممتدة الأطراف ، وأراد هذا الملك يوما أن يقوم
برحلة برية تستغرق منه أيام وليال طوال ، وبالفعل قام الملك بجولته ،
لكنه وفي طريق العودة شعر بألم في قدميه ،
وطالعهما فإذا هم متورمتان بشكل كبير ومؤلم ، بسبب الطريق ووعورته .
فأصدر الملك مرسوما ملكيا يقضي بتغطية شوارع المملكة كلها بالجلد ، كي لا
تتورم قدماه مرة أخرى !!
لكن المسألة كانت صعبة ، فليس من السهل أن تُغطى كل المملكة بالجلد ،
وهنا كلن لوزير الملك ذو العقل النبيه رأي آخر ،
فقال لسيده : مولاي ولما لا تغطي قدميك بالجلد ، وتحكم تغطيتهما فهذا
أسهل وأيسر في التطبيق .
وكانت هذه قصة أول نعل في العالم !! .
ومن هذه القصة أقطف حكمة ، فحينما يكون العالم غير مهيأ للسير فيه، فلا
تحاول أن تغير من طبيعته ، فهذا ليس بالأمر السهل الهين ، بل غير من
أساليبك ، فالتغيير حينما يكون في محيطك يكون ممكنا، وأكثر تأثيرا .
أما أن تحاول تغيير العالم ، وتطالبه بأن يعمل على التحرك وفق رؤيتك فهذا
شيء صعب المنال .
يقول الرافعي في وحي القلم :
( ألا ما أشبه الإنسان في الحياة بالسفينة في أمواج هذا البحر !
إن ارتفعت السفينة أو انخفضت أو مادت ، فليس ذلك منها وحدها ، بل مما
حولها . ولن تستطيع هذه السفينة أن تملك من قانون ما حولها شيئاً ، ولكن
قانونها هي الثبات ، والتوازن والاهتداء إلى قصدها ونجاتها في قانونها .
فلا يعْتِبَنَّ الإنسان على الدنيا وأحكامها ، ولكن فليجتهد أن يحكم نفسه ) .
أنت ربان حياتك وقائدها ، والأعاصير لم تأت يوما بأمر بشر ، ولم تذهب
إرضاء لأحد ، نحن من نحدد الوجهة ، ونوجه الشراع ، ونختار الاتجاه . حتى
الذين كان لهم كلمة وأثر في تغيير بعض أحداث الحياة ،
كانت سطوتهم أول الأمر ذاتية ، حتى إذا سيطروا على أنفسهم وملكوا زمامها
، حولوا وجهتهم إلى دائرة أوسع .. فأوسع .
أما أن تصارع العالم ، صارخا فيه أن يكون كما تريد فهذا وهم وجرأة قد
تدفع ثمنها غاليا .
إشـــراقة : مهما كانت حياتك قاسية، تعايش معها: لا تلعنها أو تسبها. لا
تنشغل بمحاولة الحصول على أشياء جديدة… فالأشياء لا تتغير، بل نحن من
يتغير