عش ولكن… بروح التفاؤل – د. مها فؤاد
التفاؤل والأمل هم شيئان مرتبطان ببعضهم البعض وعلى كل إنسان يجب التحلي بهم، ولكم هنا سوف نذكر لكم كلمات تفاؤل وأمل.
- صاحب التفاؤل والأمل يهتم بالمستقبل وما يجب أن يملأه به وبما يعود عليه وعلى وطنه ودينه بالنفع، وصاحب اليأس وعديم الأمل يعيش تحت وطأة الماضي وآلامه ومصاعبه وعوائقه، يضخم الصورة السلبية حتى تصير مثل الهرم فيصعد إلى قمته ويجلس عليها.
-
من التفاؤل يولد الأمل، ومن الأمل يولد العمل، ومن العمل يولد النجاح.
-
افرض على نفسك حالة نفسية بالسيطرة، فما الذي يمنع أن تصعد هرمًا من التفاؤل وتجلس عليه، إن الذي مكّنك من اليأس هو أنت، والذي يُمْكِن أن يمكّنك من التفاؤل هو أنت، فسيطر على (أنت) بعكس الحالة النفسية السابقة.
-
إذا كنت تتذكر ما حدث لك مسبقًا فتصاب باليأس فتصور النجاح كما تتصور اليأس، واشحذ إرادتك وزد عقلك إشراقًا، وكلما مرّ بك خاطر اليأس تذكر قوله تعالى: “إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” [يوسف: 87]. “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ” [الزمر: 53].
-
التفاؤل موقف، فحينما تريد وتقرر أن تكون متفائلاً فسوف ترى ألف سبب له، أما حينما تستسلم لليأس فسوف تكون عاجزًا عن رؤية أسباب التفاؤل، ولن ترى إلا اللون الأسود فقط من خلف نظارة سميكة سوداء كالأيام التي تراها.
ما أجمل أن ترتبط النفوس بالخير وتنعقد عليها همتها، وما أجمل أن تتفائل بالأحسن لتجده بعون الله وممده ولطفه، فانشراح الصدر بالخيرات من أعظم أسباب استقرار النفس ودمومة فاعليتها، الأمر الذي يضعها على جادة الاستفادة والإفادة، وتصير رقما مميزا في المعادلة البشرية بعطائها الفريد وبصماتها المميزة .. يقول روبرت شوللر: (إن الأوقات العصبية لا تستمر إلى الأبد، لكن الأقوياء يستمرون).
من حسنات التفاؤل أنه دليل حسن ظنك بالله عز وجل، ويجلب السعادة إلى النفس والقلب، وفي الفأل الحسن تقوية للعزائم وانطلاقا إلى الأمام، وباعثاً على الجد والأمل، فلولا الأمل لبطل العمل، وفي التفاؤل أيضا إقتداء بالسنة المطهرة، وأخذا بالأسوة الحسنة، حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتفاءل في حروبه وغزواته وفي شأنه كله.
والتفاؤل يوحد قوة الروح وقوة الجسد، ومن استقرار الروح تزدهر الصحة النفسية التي ترتبط غاية الارتباط بقدرة الشخصية على التوافق مع نفسها ومجتمعها الذي تعيش فيه، وهذا يؤدي – إن شاء الله تعالى – إلى التمتع بحياة هادئة سوية، مليئة بالحماس، وخالية من الأسى والاضطراب والتشاؤم.
التفاؤل يعني أن يرضى المرء عن نفسه، وأن يتقبل ذاته، كما يتقبل الآخرين، وتغيب عن سلوكياته اضطرابات التوافق الاجتماعي أو السلوكيات الشاذة، بل يسلك في تصرفاته السلوك المعقول المتسم بالاتزان والمتصف بالإيجابية والقدرة على مواجهة المواقف ومجابهة المشاكل التي تقابله في مختلف نواحي حياته.
يسيطر التّشاؤم على حياة الكثير من النّاس عندما يواجهون مصاعب الحياة المختلفة وتحدّياتها، وتراهم يقفون في محطّاتٍ كثيرةٍ من محطّات الحياة ليسيطر عليهم التّشاؤم، فترى عزيمتهم قد فترت، وقواهم قد ضعفت، وسيطر اليأس على قلوبهم ونفوسهم، وإنّ علاج ذلك التّشاؤم يكون بعلاج أسبابه، وبزرع روح التّفاؤل في حياة الإنسان، فالتّفاؤل هو نقيض التّشاؤم، فهو الحالة التي تجعل من الإنسان شخصاً محبّاً للحياة، يتطلّع إليها من منظورٍ إيجابيّ، ولا يرى الفشل في الحياة، ولكنّه دائماً يرى الأمل والنّجاح مهما خفت نوره، فكيف للإنسان أن يزرع التّفاؤل في حياته حتّى لا يجد التّشاؤم حالةً من الفراغ في قلبه فيستولي عليه، ولا شكّ بأنّ لزرع التّفاؤل في نفس الإنسان أساليب تنطلق من إرادة الإنسان في الحياة نذكر منها :
أن ينطلق الإنسان في صباح كلّ يومٍ وهو مفعمٌ بالحيويّة والنّشاط، وأن لا يجعل روح التّشاؤم تسيطر عليه، بل يمدّ نفسه بروح التّفاؤل فتكون خير قوةٍ له وزاد لتحقيق طموحاته وتطلّعاته، وإذا واجهته الصّعاب فلا يستسلم لذلك لعلمه بأنّ هذا من سنّة الحياة، وأنّ الحياة تستدعي من الإنسان الصّبر في أحيانٍ كثيرة، كما أنّ بعض المواقف قد تستدعي قوّة النّفس وإرادتها لمواجهتها .
ومن الأمور التي تجعل الإنسان أكثر تفاؤلاً بالحياة أن يعيش سلاماً داخليّاً مع نفسه، فمن تصالح مع نفسه قبل أن يتصالح مع النّاس سرت روح التّفاؤل في جسده وقلبه، فتراه إذا خرج من بيته وواجهته مصيبةٌ أو مشكلة قال بلسان المتفائل لعلّه خير، وهو بذلك يعبّر عن التّصالح والسّلام الدّاخلي الذي يعيشه في قلبه، كما يعبّر عن الإيمان بالله تعالى الذي بيّن حقيقة هذه الحياة الدّنيا، وأنّه سوف يكون فيها ابتلاءات ومنغّصات، وأنّ الصّبر على ذلك كلّه ممّا يعين الإنسان على تجاوز تلك الابتلاءات .
وخلاصة القول أن التفاؤل هو مفتاح الصحة والسعادة والنجاح، وهو الذي يؤكد الذات ويزيد الثقة بها، ويمنح الشعور بالمقدرة والتحكم والسيطرة على التصرفات الحالية والمستقبلية، ويعطي المرء الاستقلال الفكري والنفسي الذي يتيح له الإمساك بمفاتيح الشخصية وعدم تركها للآخرين حتى لا يكون قشة في مهب الريح.
كما أن التفاؤل يكسب المرء القدرة على تجاوز الأفكار السلبية وكسر حلقاتها وتغيير اتجاهها، وتنمية الأفكار الإيجابية والارتفاع بالقدرات الكامنة فينا كي لا نقع في براثن الإحباط والتشاؤم.
إن المتفائل الحقيقي محب على الدوام لا يعرف الحسد والحقد والكراهية التي نهى عنها ديننا الحنيف، والمتفائل عندما يتخفف من هذه الأثقال التي تعوق كل انطلاقة سيكون حراً فاعلاً.
والتفاؤل مسلك يفرضه الإيمان بالله والرضا بقضائه وقدره، أما التشاؤم فلا يستقيم مع صريح الإيمان، وعليه فإن تحول المتشائم إلى متفائل ممكن إذا تمت له الهداية واتبع الطريق الصحيح بعد التوكل على الله، ولا شيء مستحيل أمام هذا التحول إذا صدقت النوايا وحسنت ثقتنا في المولى عز وجل .. فكن متفائلاً وابتعد عن التشاؤم، وابتسم فإن الحياة لك ولمن حولك.