تمتع بحياتك – د. مها فؤاد
يعتقد الكثيرون بأنّ الحياة هي العمل فقط لا غير، يقضون أوقاتهم وهم منشغلون دائماً في العمل من أجل كسب المال، أو تقضي ربّة المنزل حياتها في رعاية منزلها وأطفالها بجدّ دون أن يسألوا أنفسهم هل هي حياة سعيدة أم لا، وهذه النظرة نظرة ضيّقة للحياة لأنّهم بذلك يضعون أنفسهم داخل قوقعة أو دوامة لا نهاية لها، فتمضي الحياة دون أن يستمتعوا بها أو يعيشوها كما ينبغي. يجب أن ندرك بأنّ الحياة مثل القطار، ماضٍ في طريقه نحو النهاية يعبر محطات السعادة، محطات اللحظات الجميله، من مشاركة الأصدقاء والعائلة مناسباتهم السعيدة، ومحطات الحزن، ومحطات الألم ولن تنتطر يوماً لتسأل عن حزننا وسعادتنا لذا فأوّل خطوات الاستمتاع بالحياة هي أن نهتم بأنفسنا؛ لأنّ لنفوسنا علينا حقاً، ومن الظلم أن نجهدها ولا نعطيها حقّها من الراحة والسعادة.
الحياة مفعمة بالأحداث ومحاطة بالظروف، ومليئة بأنواع الصراعات من أجل تحقيق الغايات، والإنسان فيها كما عرفته سيد حياته وربان مسيرتها، فإن أحسن قيادة ذاته فقد حقق غاياته، وسعد فى حياته، وإن فقد ذلك وجب عليه إعادة النظر فى قياداته.
فلا تأسف على زمن قد انقضى لم تكن واعياً فيه نحو تحمل مسؤولية نفسك، والتحدى فى الإعداد لما هو آت، والعزم على الاستفادة مما فات.
إن تشكيل حياتك رهن إشارتك، فإن أردت أن تكون سعيداً، فإن الأمر بيدك، بغض النظر عما يحيط بك من مشاكل أو معوقات.
حاول قدر الإمكان أن تضبط انفعالك قبل اختيار أفعالك.
الدنيا مسيرة من حولك، ولا شك أنك جزء منها، لكنك تملك مشاعرك نحو أحداثها، وما يجري بها.
الحياه ليست مسيرة لك، لكن تفاعلك معها، والتقاط ما تراه مناسباً منها، باختيارك وحدك.
سلوكيات للاستمتاع بالحياة
الاستمتاع بالحياة بند أو موضوع له نصيب في اهتمام علماء النفس، وكوادر التنمية البشريّة، لذلك هناك مجموعة من الاقتراحات المأخوذة عنهم لإضفاء المتعة على الحياة، فقد يظنّ البعض أنّ الاستمتاع بالحياة يحتاج منه أن يعيش في بلد آخر أو أن يملك الكثير من المال إلّا أنّ بعض الإجراءات البسيطة قد تكون كفيلة بإدخال السعادة إلى قلب صاحبها، وهنا نقدّم بعضاً من هذه الطرق: قُم بتربية الحيوانات الأليفة والعصافير: عندها ستشعر بطاقة إيجابيّة نحو الحياة، فالعناية بها تعلمك الحبّ، وأيضاً ترفّه عنك، حيث إنّ جميع الديانات أمرتنا بالرفق بالحيوان والاهتمام به، والطيور مثلاً مميزة بأصواتها التي تستكين لها الروح، وسلوكها يُعلّمك دروساً في التعاطف.
الاستماع لما تستكين له النفس: كالموسيقى الهادئة، المريحة للأعصاب، أو الغناء ذي المعاني العميقة والألحان الجميلة. جرّب أشياءَ لم تجربها من قبل: الخوض في تجارب جديده في الحياة، يُعطيك جرعة كبيرة من السعادة والمتعة، فإذا كنت تحبّ السباحة مثلاً لا تتردد ولو للحظة في الإقبال على تعلّمها، أو جرب في يوم عطلتك قيادة الدرجات النارية، وغامر دائماً فمتعة الحياة تكمن في المغامرة.
ابدأ يومك بابتسامة: الابتسامة لها دور فعال في التأثير على المزاج، فلوحظ أنّ مقدار إنتاج الشخص يزيد إذا بدأ يومه بابتسامة وسرور؛ لأنّها تمدّ الإنسان بطاقة إيجابيّة، واحترام للذات، وثقة في النفس، وتسعد كذلك من حوله.
امنح نفسك إجازة من الحياه الروتينيّة: إذا كنت موظفاً منهمكاً في عملك، توقّف قليلاً واذهب في إجازة لأفضل مكان تودّ الذهاب إليه، فذلك يبعدك عن ضغوط العمل، ويزيد من راحتك النفسيّة، ويعيد تنشيط دماغك، الحياه تنتهي والعمل لا ينتهي هذه قاعدة يجب علينا أن ندركها جيداً ونستوعب معانيها لأبعد الحدود.
استمتع باللعب مع الأطفال: اللعب مع الأطفال ومشاركتهم أوقاتهم الجميله، يمنحك شعوراً رائعاً تجاه الحياة، لما في ضحكاتهم من طاقة إيجابيّة وصدق وصفاء يسعد من حولهم. تواصل مع أصدقائك الحقيقيين: ويقصد بالحقيقيّين هنا، هم الذين فعلا يحبّونك، فلو كان لديك أصدقاء لم تتواصل معهم لفترة بسبب مشاغل الحياة، فاترك جزءاً من مشاغل الحياه جانباً، وابدأ بالتواصل معهم، إمّا عن طريق الهاتف، أو البريد الإلكترونيّ، واذهب معهم في رحلات تُجدّد بها عمرك، وتجعل حياتك أكثر سعادة.
وأخيراً أعظم وسيلة حقيقة للشعور بالسعادة والاستمتاع هي أن يكون الإنسان دائمًا في معية الله، وأن يكون على طاعة الله، قال تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}، وهذا بالطبع يتطلب الجهد في أن يراقب الإنسان نفسه وأن يؤدي عباداته على أكمل وجه، ومن ثم – إن شاء الله – سينشرح الصدر وتأتي الطمأنينة، وهذه هي السعادة.