غير تفكيرك ، غير حياتك – د. مها فؤاد
إذا تعلَّمْتَ أن تُروِّض تفكيرك؛ لكي يكون أكثر إيجابية، وتنقية من الأفكار السلبية قدر المستطاع، فإنك قد بدأت في أولى خطوات تغيير السلوك الذي ينبغي أن يتغير، فيقول بريان تراسي: (إنك تستطيع أن تكتسب عادات سلوكية جيدة خلال 21 يومًا، إذا فكرت وتحدثت وتصرفت كما تُمليه عليك العادة الجديدة، التي ترغب في اكتسابها)، هذا التصور يتحول تدريجيًا إلى حقيقة واقعية.
وقد قال ابن القيم رحمه الله في كتابه “الفوائد”: (إن مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري، هو الخواطر والأفكار؛ فإنها توجب التصورات، والتصورات تدعو إلى الإرادات، والإرادات تقتضي وقوع الفعل، وكثرة تكرار الفعل تعطي العادة).
وقال علماء النفس من بعده: (إن الأفكار البسيطة تتحول تدريجيًا إلى معتقدات ومواقف، ثم إلى سلوك يتكرر، ليصبح عادات ترسم ملامح الشخصية).
أفكارُك هي البذور التي تنمو منها حياتك.. تلك هي البداية، أفكارك هي الأساس الذي به يمكنك أن تغيِّر حياتك سواء للأحسن أو للأسوأ، وللوصول للأحسن في أي شيء يجب أن تفكِّرَ بما يسعدك ويسعد الناس معًا، وهذا لن يحدث إلا باستخدام الذكاء العاطفي.
يقول أبو الحسن الندوى: “إن الإنسان ليس عقلًا مجردًا ولا كائنًا جامدًا يخضع لقانون أو إدارة قاصرة، ولا جهازًا حديديًّا يتحرك ويسير تحت قانون معلوم أو على خطٍّ مرسوم، إن الإنسان عقلٌ وقلب وإيمان وعاطفة وطاعة وخضوع وهيام وولع، وحب وحنان، وفي ذلك سر عظمته وشرفه وكرامته، وفي ذلك سر قوته وعبقريته وإبداعِه وسرُّ تفانيه وتضحيته، وبذلك استطاع أن يتغلب على كل معضلة ومشكلة، وأن يصنع العجائب والخوارق، واستحقَّ أن يتحمل أمانة الله التي اعتذرت عنها السماوات والأرض والجبال فأبَيْن أن يحملنها، وأشفقن منها وحملها الإنسان ووصل إلى ما لم يصل إليه ملك مقرَّب ولا حيوان ولا نبات ولا جماد.
وإليك بعض الأفكار:-
1- تعرض دائماً للأفكار و المدخلات الجيده
المفكرون الجيدون و الذي يستطيعون تطوير مهاراتهم التفكيريه هم الذين دائما ما يبحثون عن شيء يفكرون به ، يحاولون جعل عقولهم في حالة حركة مستمره و نشاط دائم . إبحث عن الأنشطه و الأفكار و أستغرق بالتفكير فيها بهدوء . إقرأ كثيراً ، إستمع للكتب السمعية في السيارة بدلاً من الإذاعات و الأغاني ، إقرأ المقالات في أوقات فراغك ، قم بحل الألغاز و العب ألعاب الذكاء بهاتفك المحمول أثناء إنتظارك لدورك في البنك أو عيادة الطبيب. الخلاصة ، دائماً عرض عقلك و تفكيرك لكل ما هو جيد .
2- إجلس و ناقش دائما مع المفكرين الرائعين
جلوسك مع أشخاص ذوي تفكير منطقي و متزن و سليم شيء رائع و سيحافظ على مستوى طريقة تفكيرك و قد يرفع مستوياته للأفضل ، لكن دائما تحدى نفسك بالجلوس مع أشخاص ترى أنهم مفكرين عظماء و رائعين و إستثنائيين ، حاول أن تحفز نفسك بأن تضع نفسك أمام هذه الهامات العالية في مجال التفكير و التي ترى بها مثالاً يتحذى به في النجاح و أسلوب التفكير العملي السليم. الأشخاص حادي الذكاء يصقلون بعضهم البعض ، كما الحديد فهو يصقل الحديد اذا احتك به ، لذا حاول أن تحتك بالأذكياء و المفكرين لكي تصقل موهبتك التفكيريه .
3- إجعل التفكير عادة و طقس خاص
لا تجعل التفكير ردة فعل على الأحداث اليومية ، نعم نحن في عصر سريع يجعلنا دائما في حالة تفكير مستمر ، في قيادة السيارة ، في العمل ، في المنزل ، دائما هناك أمور تتطلب منا اتخاذ قرارات للتفكير بها . و لكن مع ذلك يجب أن تجعل التفكير و التأمل أولوية قصوى في جدولك اليومي أو الأسبوعي ، إجعله طقس خاص ، بمعنى أنك يجب أن تختار مكان ترتاح له نفسيا ، و ضعية مريحة لك ، و وسيلة تدوين أفكار تفضلها ، و مارس طقوس التفكير بالشكل الذي يريحك. البعض يرى ان التفكير في حمام الجاكوزي أمر رائع ، البعض يعتقد أن التفكير أثناء جلسات المساج أمر أكثر روعة. عن نفسي أرتاح كثيراً في التفكير على كرسي السينما المنزلية الموجود في منزلي . فليكن التفكير المتأمل و الدقيق و العميق عادة و طقس تمارسه بشكل شبه يومي.
4- تفاعل مع أفكارك الجيدة
جيد ، لقد فكرت بشكل فعال و وضعت في عقلك أفكار رائعة تجاه أمور تهمك في حياتك ، ثم ماذا بعد ؟ ان عملية تخزين الأفكار و رميها في ذاكرة العقل أمر مرهق ، هذا الشيء يخلق التزاماً في عقلك تجاه هذه الأفكار مما يجعله في حالة إنشغال دائم ، تماما كأنك تقوم بفتح برنامج على الكمبيوتر ثم لا تقوم بعمل شيء فيه ! سيستهلك هذا البرنامج ذاكرة الجهاز و قدرة المعالجة فيه. هذا ما سيحصل اذا لم تقم بإتخاذ قرار حيال الأفكار ، اذا جائتك فكرة رائعة فقم بإتخاذ إجراء تجاهها ، نفذها ، خزنها في جدول أعمالك مع خطة متكاملة لتنفيذها ، قم بتفويضها لشخص يمكنه تنفيذها . شاركها مع أشخاص قد يكونوا مهتمين بتنفيذها ،أو ضعها في تقويمك لتحدد وقت تنفيذها بالضبط . إفعل شيء تجاه أفكارك الجيدة !
5- دع مشاعرك تولد لك أفكار إضافية
إركب الموجه ، اذا استطعت أو إستطاع شخص مقرب منك تحقيق نجاح بفضل فكرة ، فقم بإستغلال هذا الشعور المحفز و قم بركوبه كالموجه لتدخل في حلقة دائمة من التفكير الإيجابي و المنتج و الفعال . حاول أن تشارك في فعاليات و مؤتمرات ترى فيها أمامك أشخاص ناجحين يعتلون المنصه ليتوجون نجاحاتهم و يتحدثون عنها ، إستغل مشاعر الغبطه و الغيره الشريفه لتوليد طاقة تفكير و منافسه في داخلك.
6 – كرر العملية
في أي مجال ، لا تتوقف عن التفكير ، حتى لو وصلت بك أفكارك إلى ما تعتقد انه مرحلة ناجحة ، لا تسير في هذه المرحلة دون إعادة عملية التفكير ، فقد ينحرف بك المسار لتعود إلى الفشل ، أو قد يسبقك الآخرون ، أو قد تفوتك فرص لتحقيق نجاحات أكبر ، دائما كما ذكرت في النقطه 3 ، إجعل التفكير عادة و طقس و راجع ما تفعله بشكل دائم و فكر فيه ، فكر بكل جوانب حياتك و كرر ذلك على جميع المستويات. الناجحون لا يركنون الى نجاحاتهم أبداً.