اثار الطلاق علي المجتمع
لقد خلق الله كل ما في الكون من زوجين، حتى تتكاثر وتستمر الحياة، فقد خلق من آدم حواء، وهكذا كان الجنسين ذكر وأنثى يميلون كلاهما للآخر، وتستقر حياته بزواجهما، لذلك كان الزواج سنة الحياة، وممّا دعا الإسلام إليه، ولأنّه ذا أهمية كبيرة سُمي عقد الزواج بالميثاق الغليظ الذي يصعب كسره، أو والتنازل عنه، أو أن يكون محل مزاح وتقليل من قيمته. ولأنّ الزواج ميثاق غليظ، كانت شروط اختيار الزوج الصالح والزوجة الصالحة كركيزة أساسية لبناء أسرة مترابطة، متكاتفة مهما عصفت بها الحياة، وكانت مبادئ التفاهم والتعاون والمودة والرحمة بين الزوجين حتى يستمروا معًا في حياتهم، وهي حياة ومليئة بالمسئوليات وليست عبارة عن علاقةٍ تقام وممكن أن تنتهي في أي وقت؛ لذلك كما جعل الإسلام الزواج ميثاقًا غليظًا، جعل أبغض الحلال هو الطلاق؛ لأنّه حل لمشكله لكنّه قد يفتح مشاكل أخرى. إن على كل زوجين العمل بكل جهدهما للحفاظ على هذه العلاقة بأن تكون قوية ولا يصيبها فتور، ولعلّ الأسباب التي ستذكر للطلاق تبدو أسبابًا غير مباشرة من الوهلة الأولى، لكنّها مع التراكم والاستمرار بها تصبح سببًا رئيسيًا للطلاق، وأهم هذه الأسباب هي: الخيانة الزوجية: وهي أخطر الأسباب، وقد لوحظ ازدياد معدلات الطلاق بعد ظهور الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والاستخدام السيء لها؛ وذلك لضعف الوازع الديني لدى أحد الزوجين، فيستمر به الحال ليصل للخيانة الزوجية التي لا يلتئم جرحها، وغالبًا ما ينتهي هذا الزواج بالطلاق. انهيار التواصل: خاصة بعد حدوث بعض المشاكل وتواليها وراء بعض واستمرار الحال بالابتعاد شيئًا فشيئًا حتى ينتهي للطلاق. المسائل المالية: كل الأسر تمر في أزمات مالية ويجب أن يتعاون الزوجين على المرور منها بسلام، لكن إن لم يكن هناك تفاهم متبادل فلن يحدث هذا، وسوف تتأجج المشاكل. العنف الجسدي والعاطفي: فزوج يضرب زوجته، وزوجةٌ لا تراعي شعور واحتياجات زوجها، كلّها طرق تؤدي لانهيار العلاقة الزوجية. تسرب الملل: فالروتين في العمل ممكن أن يغيره الفرد بتغيير شكل المكتب أو بعض الموظفين وهكذا، لكن الروتين القاتل والملل هل يحتاج لتغيير الأزواج؟! الإدمان: إدمان أحد الزوجين على المخدرات والكحول فيهلك نفسه وعلاقته بزوجه، وماله، وبيته بالكامل. الغيرة: لكل شيء حدود، فالغيرة بحدودها الطبيعية مطلوبة، لكن أن تكون الغيرة هي سبب خانق لأحد الزوجين لا يستطيع أن يتحرك في حياته بشكل طبيعي من وراء الغيرة! فهذا صعبٌ للغاية. ومشاكل كثيرةٌ أخرى لها تأثير على الزواج. عندما يكون الطلاق هو آخر حل مطروحٍ في العلاقة الزوجية، هذا يعني أن يعيد كل من الزوجين حساباته ومحاولة إصلاح الخلافات بقدر الإمكان، لأنّ الطلاق عواقبه وخيمةٌ جدًا، ولهذا جعل الإسلام الطلاق على مراحل قبل أن يتم الانفصال الكلي، حتى يراجع كل من الزوجين الوضع الذي سيؤول إليه بعد الطلاق؛ ليفكر بشكل واضح بأنّ الطلاق ليس الحل الأول ولا الأسهل على الإطلاق. وإنّ من المشاكل بعد الطلاق هي النظرة المجتمعية للمطلقة أو للرجل الذي كان متزوجًا سابقًا، نظرةٌ قاتلةٌ، حتى لو كان الطلاق في محله، لا يشفى من هذه النظرة لا الرجل ولا المرأة إلّا بعد أن يتم له زواج مرة أخرى. وأيضًا المشكلة الأساسية، وهي المشكلة العاطفية التي تحل بكل من الزوجين المطلقين، أول تجربة زواج وانتهت تجعل أفق الحياة أماهم في هذه العلاقات مغلق، وتظن المرأة أنّ كل الرجال كزوجها الذي لم يوفِ حقها فطلقها، ويظن الرجل أن كلّ النساء كتلك المرأة المهملة التي لم تعطيه حقه، فيظل كلا الزوجين المطلقين في دوامات عاطفية، ورفض لفكرة الزواج مرة ثانية. ومشكلة كبيرة وهي الأبناء، فبعد الطلاق يتشتت الأبناء بين أمهم وأبيهم، لا مشاعر مشتركة بين الوالدين فكيف ستكون مشاعر أبنائهم، في الغالب يصاب الأبناء بعقدٍ نفسيةٍ خاصةٍ إذا كانوا أطفالًا وطلقت أمهم ثم تتزوج من رجل آخر وتتركهم، سيشعرون أنّ الدنيا قد أغلقت عليهم، وهذا دليل واضح لتفكك الأسرة ولتفكك نفسية الفرد الذي يجب أن ينشأ نشأةً قوية. ومشاكل كثيرة لن تسع أن تسطّر بالكلمات، لذلك فليكن كل زوجين على حذر في علاقتهم الزوجية، وليفكروا جيدًا في حل مشاكلهم أولًا بأول، ويبعدوا التفكير بالطلاق حتى لا يصبح الهدف الذي يسير إليه الأزواج إذا ما أغلق طريق الحل في وجوههم.